Senin, 04 Februari 2013

Luqmanul Hakim

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله يؤتي الحكمة من يشاء, والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل الرسل والأنبياء, وعلى أله وأصحابه الذين بلغوا في الفضل الذروة العلياء.
(وبعد) فهذه رسالة مختصرة صغيرة فى مبناها,  كبيرة في معناها, فيها تنبيه وادكار, وعظة واعتبار بما جمعت من الحكم المنثورة والأقوال المأثورة عن العبد الصالح (لقمان الحكيم), الذي أتاه الله الحكمة وأجراها على لسانه, كما جاء في القرأن الكريم. قصدت: بجمع شواردها وتقييد أو ابدها وكلها إلهام إلهي, للعبد الصالح التقى ــ أن تكون منهاجا قويما, وصراطا مستقيما وعظات بليغات ونصائح ثمينات لمن ينشد الكمال, ويسعى لصالح الأعمال فأسأل الله تعالى النفع بها والإستفادة منها, إنه أكرم مسؤول, فأقول مستعينا بالله تعالى:
مقدمة
في التعريف بلقمان الحكيم
قال ابن إسحاق: هو لقمان بن باعوراء بن ناحور بن تارح, وهو أزر أبو إبراهيم عليه السلام أو عمه. وقال السهيلى: هو ابن عنقاء بن سرون من أهل أيلة.
وقال وهب: إنه ابن أخت أيوب عليه السلام.
ونقل مقاتل أنه ابن خالته.
وقيل عاش نحو الف سنة, وأدركه داود عليه السلام وأخذ عنه العلم, وكان يفتى قبله ولما بعث داود امتنع عن الفتيا, فقيل له فقال: الا أكتفي وقد كفيت.
وقال الواقدى: كان قاضيا في بني إسرائيل.
___
والأكثرون على أنه كان عبدا حبشيا, وروى ذلك عن ابن عباس ومجاهد, وأخرج ذلك ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا.
وقيل كان عبدا نوبيا, وأخرج ابن أبي القاسم عن عبد الله ابن الزبير قال: قلت لجابر ابن عبد الله ما انتهى إليكم من شأن لقمان؟ قال: كان قصيرا أفطس من النوبة.
وعن أبي المسيب أنه كان أسود اللون من سودان مصر ذا مشافر أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة.
وعن مجاهد أنه كان عبدا أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين.
وقد قيل لرجل أسود لا تخزن من أنك أسود فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان بلال بن رباح, ومهجع مولى عمرو, ولقمان, أوتي لقمان الحكمة والعقل والفهم, وقيل العلم والعمل به, ولايسمى المرء حكيما حتى يجمع بينهما. ومن السود أيضا النجاشى وكان من خير الناس, وقيل إن لقمان كان حرا لاعبدا.
___
وكان خياطا, وقيل كان نجارا, وقيل كان راعى غنم. فروى أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال: ألست فلانا الراعى, قال: بلى, قال: فبم بلغت ما بلغت!؟ قال: بصدق الحديث وأداء الأمانة وترك مالايعنينى والوفاء بالعهد.
___
والجمهور على انه كان حكيما, ولم يكن نبيا, خلافا لما ذهب اليه عكرمة  والشعبى من انه كان نبيا.
قال الإمام النووى في كتابه الأذكار: ان لقمان ومريم ليسا نبيين وعليه جماهير العلماء, ولا التفات الى من شذ وقال إنهما نبيان, وإنماكانا صديقين, لأنهما يرتفعان عن حال من لقال فيه رضي الله عنه وعنهما, وينزلان عن حال من يقال فيه صلى الله عليه وسلم وعليها والذي  أراه أنه لابأس به وأن الراجح أن يقال رضي الله عنه وعنهما اهـ ملخصا.     
قيل خير بين النبوة والحكمة, فاختار الحكمة.
وروى أن جبريل لما خيره بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة مسح بجناحه على صدره فنطق بالحكمة, فلما ودعه قال له: أوصيك بوصية فاحفظها يا لقمان: لأن تدخل يدك إلى مرفقك في فم التنين[1] خير لك من أن تسأل فقيرا قد استغنى.
(قلت) وهذا مشاهد كثيرا فإن الغالب فيمن كان كذلك أن يكون حريصا على المال, شحيحا به يؤثره على ما توجبه المروءة والنخوة من البذل والعطاء ــ كما أن الغالب فيمن كان غنيا ثم افتقر أن يكون سمحا بالمال, ذا عزة ونخوة وهمة, يؤثر على نفسه من علم منه الحاجة, وذلك لبقاء أثر كل من الحالين في نفس صاحبه زمنا طويلا لاعتياده إياه .
وقد قيل في هذا: إذا اغتنى الفقير بقى أثر الفقر في قلبه أربعين سنة. وإذا افتقر الغني بقي أثر الغنى فى قلبه أربعين سنة. والمراد بقاؤه زمانا طويلا.
وروى أنه كان نائما فنودى يا لقمان: هل لك أن يجتبيك الله خليفة في الأرض فتحكم بين الناس فأجابَََ الصوت وهو لايرى صاحبه, فقال: إن خيرني ربى قبلت العافية ولم أقبل البلاء, وإن عزم علي فسمعا وطاعة, فإني أعلم أن الله إن فعل بى ذلك أعانني وعصمني, فقالت الملائكة بصوت يسمعه ولا يراهم: لم يا لقمان, قال: إن الحاكم بشر المنازل وأكدارها يغشاه المظلوم من كل مكان إن يعن فبالحرى أن ينجو وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة, ومن يكن في الدنيا ذليلا فذلك خير من أن يكون شريفا, ومن يختر الدنيا على الأخرة تفته الدنيا ولا يصيب الأخرة, فعجبت الملائكة من حسن منطقه, فنام نومة فأعطى الحكمة فانتبه وهويتكلم بها ثم نودى داود بعده فقبل الخلافة ولم يشترط ما اشترط لقمان, فهوى في الخطيئة غير مرة كل ذلك يعفو الله عنه,وكان لقمان يؤازر داودبحكمته.
وكان كثيرالتفكير حسن اليقين, أحب الله فأحبه الله: فمن عليه بالحكمة, قال أبو الدرداء: رحمه الله لقمان أما إنه أوتى ما أوتيه لاعن أهل ولا مال ولاجمال ولا حسب, بل كان عبدا حبشيا مولى لداود عليه السلام أعتقه. أهـ.
وكان رجلا سكيتا طويل الصمت, مليح السمت, عميق النظر, بعيد الفكر, لم ينم نهارا قط, ولم يره أحد يبول, أويبصق, أويتنخع،[2] ومات له أولاد فلم يحزن عليهم.
وكان يأتى أبواب الحكماء ليتفكر وينظر ويعتبرفلذلك أوتى ماأوتى من الحكمة.
حكمة لقمان
الحكمة في الأصل مصدر من الإحكام وهو الإتقان في علم أو عمل أوقول أوفيها جميعا, وقد ذكرت في القرأن أيات كثيرة وفسرت في كل أية بما يناسب موردها وسياقها. وبلغت جملة الأقوال فيها كما ذكره العلامة الألوسى في تفسيره تسعة وعشرين قولا وقال إن بعضها قريب من بعض, وأن بعضهم عد الأكثر منها اصطلاحا أو إقتصارا على ما رآه القائل فردا مهما من الحكمة.
والمعنى المناسب في تفسيرها في قوله تعالى في سورة لقمان: [ولقد أتينا لقمان الحكمة] أنها وضع الأشياء في مواضعها, أو الإصابة في القول والعمل, أو اتقان الشيء علما وعملا, أو العقل والفهم والفطنة, أو معرفة الموجدات وفعل الخيرات, أو القول الذى يتعظ به الناس ويتناقلونه للعظة والإعتبار, أوما يزيل من القلوب وهج حب الدنيا, أو معرفة حقائق الأشياء على قدر الطاقة البشرية, أوقول محكم بليغ يحتوى على محاسن الصفات وشرائف العلوم وكرائم الأفعال, أوما تكمل به النفوس من المعارف (وإن شئت قلت): هي المنهج القويم والصراط المستقيم الذى من اتبعه سعد وأهتدى في اعتقاده وخلقه وقوله وعمله وسلوكه نحو الخالق والمخلوقين.
ثم هي ثمرة علم ومعرفة, ويقظة وفطنة, واستقصاء للحقائق والتجارب, وربط بين المقدمات والنتائج, واستنباط وقياس للأشباه على الأشباه.
وقد تكون ثمرة الهام إلهي وفيض رباني وعلم لدني وتصدر في كلتا الحالتين عن ذوى الفطر السليمة, والمواهب العظيمة, الذين اصطفاهم الله لرسالته واجتباهم لحمل أماناته, أو الذين ساروا على قدم النبوت واستضاؤا بنور الرسالات, وتذوقوا الحقائق والأسرار, فألهموا الحق والرشاد, وقاموا مقام صدق في العباد.
ومن هؤلاء (لقمان الحكيم) الذي أثنى الله عليه في كتابه الكريم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم.
وحسب لقمان فضلا وشرفا ذكر الله تعالى له في القرأن منوها  بحكمه ووصاياه لابنه في السورة المسماة باسمه.
وروى ابن حبان والطبرانى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة لقمان الحكيم, والنجاشى, وبلال المؤذن."
(قلت): والمعنى اتخذوهم إخوانا وجلاسا ونصحاء ومعلمين وقدوة وهم على خير وقد كان منهم هؤلاء الثلاثة المؤمنون الكاملون الذين اشتهروا بالعلم والصلاح والفضل وشرف النفس ومنهم اثنان من الموالى.
وقد اشتهر بذلك خلق كثير من الموالى فمن الصحابة غير بلال سلمان الفارسى وأسامة بن زيد وسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مولى أم سلامة واسمه مهران وغيرهم, ومن التابعين الحسن البصرى وابن سيرين وعبد الله بن المبارك وممن بعدهم ياقوت العرش تلميذ أبى العباس المرسى وغيرهم.
وقد قال تعالى: [إن أكرمكم عند الله أتقاكم] وقال صلى الله عليه وسلم لافضل لعربي على عاجمي إلا بالتقوى.
تنبيه
قد اصطلح فلاسفة اليونان كجالينوس و أفلاطون وأرسطو على تسمية العلوم النظرية الباحثة في الإلهيات وغيرها والعلوم العملية بأسرها علوما حكمية نسبة إلى الحكمة وعرفوها في جملتها بأنها العلم الباحث عن حقائق الأشياء على ماهي عليه بقدر الطاقة البشرية واعتنى كثير من أئمة الإسلام بها وترجموها إلى العربية وألفوا فيها كتبا ضحمة وأسفارا عظيمة وفندوا أراء أولئك الفلاسفة في الإلهيات ومنهم الشيخ الرئيس ابن سينا وأبو نصر الفارابى والرازى والطوسى وغيرهم ومنهم الإمام العضد صاحب المواقف وسعد الدين التفتازانى صاحب المقاصد والبيضاوى صاحب الطوالع والأنهرى صاحب الهداية وغيرهم فجاءت كتب علم أصول الدين مزيجا بين بحوث هذا العلم وبحوث الفلسفة.
وليس شيء من هذه الحكمة مرادا في بحثنا هنا عن حكمة لقمان رضي الله عنه فإن الحكمة المنسوبة إليه إنما هي بالمعانى العامة التى ذكرناها في صدر البحث لا بالمعنى المصطلح عليه في العلوم الحكمية وجملة القول في البحوث الإلهية التى ذكرها الفلاسفة الأقدمون ونقلها عنهم فلاسفة الإسلام أنه لايقبل منها إلا ما يوافق ما جاء به الإسلام كتابا وسنة من حيث إنهما أصل الحق وأما ما جاء منها مخالفا لما إستقر فىالإسلام فهو مردود منبوذ لايعول عليه [ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم].

وصايا لقمان الحكيم لابنه
في القرأن
كان للقمان ولد إسمه تاران على ما قاله الطبرى وقيل ثاران بالمثلثة وقيل أنعم وقيل مشكم وكان في قول كافرا مشركا فلم يزل يعظه حتى أسلم. قال تعالى: [وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم]. وقيل كان مسلما وإنما نهاه عن الشرك تحذيرا له منه وتقبيحا له. والشرك بالله أكبر الكبائر وأفحش الذنوب لايغفره الله أبدا كما قال تعالى: [إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء] وهو ظلم عظيم لما به من التسوية في العبادة بين من يستحقها ومن لايستحقها, وبين من لانعمة إلا وهي منه ومن لانعمة له أصلا, وبين القوي القاهر والضعيف العاجز, وبين الخالق والمخلوق والرب والمربوب.
وأخرج الشيخان والترمذى عن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت أية [الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يظلم نفسه؟؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه [يابني لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم].
وروى أن ابن لقمان سأل أباه عن الحبة تقع في أسفل البحر أيعلمها الله تعالى فأجابه لقمان [يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير]. فالضمير في (إنها) راجع إلى الحبة.
وقيل إن سؤاله كان عن الخطيئة إذا عملها حيث لايراه أحد كيف يعلمها الله فقال له [يابني إنها إن تك مثقال حبة] الأية, أي إن الخطيئة إن تكن في صغرها وقمائتها كحبة واحدة من خردل وهي أصغر شيء في أخفى مكان وأحرزه كجوف الصخرة أو في أعلى مكان كالسماوات أو في أدناه كالعرضين يحضرها الله تعالى فيحاسب عليها من إرتكبها [إن الله لطيف] يصل علمه إلى كل خفي [خبير] عليهم بكنه كل شيء, أو لطيف باستخراجها خبير بمستقرها, وحاصل المعنى كما قال الحسن أنه تعالى محيط بالأشياء جميعها صغيرها وكبيرها وفي بعض الكتب أن هذه الكلمة أخر كلمة تكلم بها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها فمات رحمه الله.
وقيل إن الذى مات حين ذاك هو إبنه.
(فائدة): قال الحسن بن صالح نقلا عن الشيخ السرجى في فوائده: إن من ضاع له شيء فقال يا حفيظ مائة وتسع عشرة مرة ثم قال [يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل] الاية مائة مرة رد الله عليه ضالته وحفظها ثم قال وهو صحيح مجرب  اهـ.
___
ثم قال لقمان لابنه [يا بني أقم الصلاة] تكميلا لنفسك [وأمر بالمعروف وانه عن المنكر] تكميلا لغيرك.
وقيل المعروف هنا التوحيد, والمنكر الشرك [واصبر على ما أصابك] من الشدائد والمحن في سبيل ذلك, أو اصبر على شدائد الدنيا من الأمراض وغيرها, ولاتخرج من الجزع إلى معصية الله [إن ذلك] الصبر أو الذي أوصيتك به [من عزم الأمور] أي مما عزمه الله وقطعه من الأمور قطع ايجاب وإلزام فهو مأمور به أمرا حتما.
[ولاتصعر خدك للناس] أي لاتمله عنهم ولا تولهم صفحة وجهك كبرا عليهم وإعجابا بنفسك واحتقارا لهم كما يفعله المتكبرون.
وقيل هو الرجل يكون بينك وبينه محبة فيلقاك فتعرض عنه.
وقيل هو الذى سلمت عليه لوى عنقه تكبرا [ولاتمش في الأرض مرحا] متبخترا متكبرا مختالا [إن الله لايحب كل مختال] في مشيته متبختر فيها [فخور] مباه بالمال والجاه والحسب [واقصد في مشيك] إعدل فيه وتوسط حتى يكون بين الإسراع والتأني مشى سكينة ووقار, فإن سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن [واغضض من صوتك] انقص منه وأقصر [إن أنكر الأصوات] أقبحها [لصوت الحمير] لأنه أوله زفير وأخره شهيق كصوت أهل النار.
وعن سفيان الثورى: إن صياح كل شيء تسبيح إلا نهيق الحمير.
وفي قص القرأن الكريم لهذه الوصايا اللقمانية تقرير لها وحث على اتباعها والعمل بها, فإنها جميعا من شعب الإيمان وجلائل الصفات والأحوال.

مأثورات عن لقمان الحكيم
قال لقمان لابنه:
1.   يا بني: بع بأخرتك دنياك تربحهما جميعا.
2.   يا بني: لاتدخل في الدنيا دخولا يضر بأخرتك ولا تتركها حتى تكون  كلا على الناس.
3.   يا بني: كما تنام فكذلك تموت, وكما تستيقظ فكذلك تبعث فاعمل عملا صالحا تنم وتستيقظ كالعروس ولا تعمل سوءا فتنام وتستيقظ مرعوبا كالمجرم الذى يطلبه السلطان لسفك دمه.
4.   يا بني: من اجتمعت فيه خمس الدين والمال والحياء وحسن الخلق والسخاء فهو نقي تقي, لله تعالى ولي, ومن الشيطان بري.
5.   يا بني: إني موصيك بخلال إذا تمسكت بها لم تزل سيدا. أبسط حلمك للقريب والبعيد وأمسك جهلك عن الكريم واللئيم, وصل أقاربك, واحفظ إخوانك وأمنهم من قبول ساع باغ يريد فسادك ويروم خداعك, وليكن إخوانك ممن إذا فارقتهم وفارقوك لم تعبهم ولم يعيبوك.
6.   يا بني: اجعل عقل غيرك لك فيما تدعوك الحاجة إلى فعله فقال يا أبت كيف أجعل عقل غيرى لى؟ قال تشاوره في أمرك فيما تحب.
7.   يا بني: لأن تكون اخرس عاقلا خير لك من أن تكون نطوقا جاهلا. ولكل شيء دليل, العقل  دليله التفكير ودليل التفكير الصمت ومن نطق في غير خير فقد لغا ومن نظر في غير اعتبار فقد سها, ومن سكت في غير فكر فقد لها.
8.   يا بني: لوقرأت صحيفتك لأغمدت صحيفتك.
9.   يا بني: لو رأيت مافي ميزانك لختمت على لسانك.
10. يا بني: افعل ما يصلحك في دينك ودنياك وامض في مصلحتك حتى تنتهى منها, ولا تحفل بالناس ولا تصغ إلى قولهم وعذلهم فلا سبيل إلى رضائهم ولا حيلة في اجتماع قلوبهم. يابني ائتنى بحمار وانظر ما يكون من كلام الناس لا يرضون على أحد أبدا فأتاه به فركب لقمان عليه وأمر ابنه أن يسوق به الحمار فمرا بمحفل من الناس فقالوا الصغير يمشى والكبير يركب ما أجفاه وأغلظه فقال يابني ما قال الناس؟ فاخبره فنزل عن الحمار واركب ابنه وساق به فمرا بمحفل أخر فقالوا الصغير يركب والكبير يمشى على قدمه ما أجفا هذا الصغير وأسوأ أدبه فقال يابني ما قال الناس؟ فأخبره بما قالوا فركب الأب والإبن معا فمرا بمحفل أخر فقالوا: اثنان رديفان على حمار لامن علة ولا ضعف ما أغلظهما فقال يابني ما قال الناس؟ فاخبره فنزلا عن الحمار وساقاه فمرا بمحفل أخر فقالوا سبحان الله حمار يمشى وهو صحيح قادر ورجلان يمشيان على الأقدام هلا ركب أحدهما فقال يابني ما قال الناس؟ فاخبره فقال يابني ألم أقل لك افعل ما يصلحك ولا تحفل بالناس إنما أردت بهذا تعليمك.
11. قال خالد الربعى: كان لقمان عبدا حبشيا فدفع مولاه إليه شاة فقال اذبحها وأتني بأطيبها مضغتين فأتاه باللسان والقلب ثم دفع إليه شاة أخرى وقال اذبحها وأتني بأخبثها مضغتين فأتاه باللسان والقلب. فسأله مولاه عن ذلك فقال ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا.
12. يا بني: إذا أردت أن تؤاخى أخا فاغضبه فإن أنصفك وهو غضبان فآخه وإلا فاحذره.
13. يا بني: لايكن ديك أكيس منك هو قائم يصيح بالأسحار وأنت نائم في فراشك.
14. يا بني: لاتبعث رسولا جاهلا  فإن لم تجد  حكيما فكن أنت رسول نفسك.
15. يا بني: من قال إن الشر يطفىء الشر فإن كان صادقا فليوقد نارين ثم لينظر هل تطفىء إحداهما الأخرى وإنما يطفىء الخير الشر كما يطفىء الماء النار.
16. يا بني: الصبر عند المكاره من حسن اليقين.
17. يا بني: لاتأكل وأنت شبعان فإنك إن تنبذه للكلاب كان خيرا لك من أن تأكله. يابني كل أطيب الطعام ونم على أوطىء الفراش ((أراد أكثر الصيام وأطل القيام حتى تستطيب الطعام وتلتذ بالفراش)).
18. يا بني: نقلت الصخر وحملت الحديد فلم أر شيئا أثقل من الدين وأكلت الطيبات وعانقت الحسان فلم أر شيئا الذ من العافية وذقت جميع المرارات فلم أر شيئا أمر من الإحتياج إلى الناس.
19. يا بني: إذا أردت أن تقطع أمرا فلا تقطعه حتى تشاور مرشدا يابني شاور من جرب الأمور فإنه يعطيك من رأيه ما قام عليه بالغلاء وأنت تأخذه مجانا ((يعنى بغير ثمن)).
20. يا بني: لاتكن الذرة[3] أكيس منك تجمع في صيفها لشتائها وهي إذا حصلت على بيتها الندوة تفلق الحبة نصفين لئلا تنبت فتفسد, وأما الكزبرة فتفلقها أربعا لأنها من بين الحب ينبت نصفها, وتجد من بعد رائحة الشيء الذي إذا وضعته أنت على أنفك لم تجد له رائحة ألبته كرجل جرادة يابسة تجد رائحتها من جوف جحرها فإذا تكلفت على حملها وأعجزتها استدعت إليها سائر الذر واستعانت به.
21. يا بني: جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيى القلوب بنور الحكمة كما يحيى الأرض بوابل المطر.
22. يا بني: عليك بالعلم فإنك إن افتقرت كان لك مالا وإن استغنيت كان لك جمالا.
23. يا بني: اغد عالما أو متعلما أومستمعا أو مجيبا ولاتكن الخامس فتهلك.
24. يا بني: لا تقارب السلطان إذا غضب ولا البحر إذا مد.
25. يا بني: لاتستلفن من فقير استغنى.
26. يا بني: ثلاثة يجب على الناس مدارتهم الملك المسلط والمريض والمرأة.
27. يا بني: لاتقبل بحديثك على من لايسمعه فإن نقل الصخور من رؤس الجبال أيسر من محادثة من لايسمع حديثك.
28. يا بني: لاتشهد الأعراس فإنها ترغبك فى الدنيا وتنسيك الأخرة واشهد الجنائز فإنها تزهدك فى الدنيا وترغبك فى الأخرة.
29. يا بني: إن الموعظه تشق على السفيه كما يشق صعود الوعر على الشيخ الكبير.
30. يا بني: ارحم الفقراء لقلة صيرهم وارحم الأغنياء لقلة شكرهم وارحم الجميع لطول غفلتهم.
31. يا بني: إذا كان بيتك حفيظا وخزانتك أمينة سدت فى دنياك وأخرتك ((يريد بهما القلب واللسان)).
32. يا بني: إذا كنت أمينا تعش غنيا حميدا.
33. يا بني: كفى بالقناعة عزا وبطيب النفس نعيما.
34. يا بني: اجعل همك فيما خلقت له ولاتجعل همك فيما كفيته.
___
وهذه وصايا لابنه جليلة (لعلها كانت منثورة ثم جمعت).
35. يابني: لاعقل لمن لاعصمة له, ولامروءة لمن لاصدق له, ولاأمانة لمن لاسرله, ولاعلم لمن لارغبة له, ولامال لمن لارفق له, ولاكنز أنفع من العلم, ولا مال أربح من الحكم, ولا حسب أرفع من الأدب, ولا كرم أعلى من التقوى, ولاقرين أزين من العقل, ولا غائب أقرب من الموت, ولا شيء أنفع من الصدقة, ولاجيفة أنتن من الحرام, ولا عبادة أفضل من الصمت, ولاسيئة أسوأ من الكذب, ولامحنة لصاحبها أمحن من الكبر, ولا غم أغم لصاحبه من الحسد, ولاعار أقبح من البخل, ولا ذل أذل من الطمع.
36. يا بني: من نظر فى عيب نفسه اشتغل من عيب غيره, ومن استخف زلته استعظم زلة غيره, ومن استغنى برزق الله لم يتمن ما فى أيدى الناس, ومن سل سيف البغى قتل به, ومن حفر لأخيه حفرة سوء وقع فيها, ومن تعرض لهتك مسلم كشفت عورته, ومن كابد الأمور خطئ, ومن اقتحم اللجج غرق ومن حمل مالا يطيق عجز, ومن أعجب بنفسه هلك, ومن تكبر على الناس ذل, ومن لم يشاور ندم, ومن لم يجرب الأمور خدع, ومن جالس العلماء علم, ومن جالس السفهاء ندم, ومن قل كلامه دامت عافيته, ومن أتبع نفسه شهواتها افتضح, ومن أبدا سره إلى غير صديق أشمت بنفسه, ومن اصطنع إلى غير أهل الصنائع فقد ضيع صنيعته, ومن ترك الظلم فقد أعز نفسه.
37. يا بني: أكلت الطيبات فلم أجد شيئا ألذ من العافية وذقت جميع المرارات فلم أجد شيئا أمر من الحاجة إلى الناس وحملت الصخر والحديد فلم أجد شيئا أثقل من الدين والذنب.
38. يا بني: جهد البلاء فى الدين خمس خصال, سلطان أضر برعيته, ورجل أضرت به امرأته, وكثرة العيال مع قلة المال,وصديق يلقاك مرحبا وهو يمشى فى هلاكك, وجار سوء يدفن حسناتك ويفشى سيئاتك.
39. يا بني: إذا جاورت قوما فغض بصرك عن محارمهم.
40. يا بني: من أساء إليك أحسن إليه.
41. يا بني: أزرع الجميل تحصد الجزيل. أصحب الأشراف وتجنب الأطراف فشريف النفس والقدر إن صاحبته نفعك وإن اطلع على سرك سترك والطرف الدانى إن سايرته وضعك وإن استغنى عنك تركك.
42. يا بني: الإنسان ثلاثة أثلاث ثلث الله, وثلث لنفسه, وثلث للدود فأما ما هو الله فروحه, وأما ما هو لنفسه فعلمه, وأما ما هو للدود فجسمه.
43. يا بني: إذا امتلات المعدة بالطعام نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة.
44. يا بني: من يقارن قرين السوء لايسلم منه.
45. يا بني: من لايملك لسانه يندم.
46. يا بني: كن أمينا تكن غنيا ولاتكن خائفا تكن فقيرا وجالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ولاتجادلهم لئلا يمقتوك. خذ منهم ما أملوك والطف بهم فى السؤال ولا تضجرهم فإن تأدبت صغيرا انتفعت كبيرا.
47. يا بني: وكن لأصحابك موافقا في غير معصية ولا تحقرنّ من الذنوب صغارها فان الصغار غدا تصير كبارا، وإياك وسوء الخلق والضجر وقلةالصبر وإن أردت غنى الدنيا فاقطع طمعك عما فى أيدى الناس (اهـ بعضه من التهذيب للامام النووى).
48. يا بني: كن على حذر من الكريم إذا أهنته، ومن العاقل إذا أهجته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومن الجاهل إذا صاحبته، ومن الفاجر إذا خاصمته.
49. يا بني: تمام المعروف تعجيله.
50. يا بني: أول الغضب جنون وأخره  ندم.
51. يا بني: ثلاث فيهن الرشد: مشاورة الناصح ومداراة العدوّ والحاسد والتحبب لكل أحد.
52. يا بني: المغرورمن وثق بثلاثة : الذى يشهد بما لا يعلم والذى يركن إلى من لا يوثق به والذى يطمع فيمالايناله بشئ.
53. يا بني: احذر من الحسد فإنه يفسد الدين و يضعف النفس ويعقبه الندم.
54. يا بني: إذا خدمت واليا فلا تنمّ إليه بأحد فإنه لايزيده ذلك منك إلا نفورا، وإنه إذا سمع منك لابد أن يسمع من غيرك فيك ويكون قلبه خائفا منك, أن تنم عليه كما نممت له بغيره ولا يزال محترسا منك, وكن يا بني أقرب الناس إليه عند رضاه وأبعدهم منه عند غضبه.
55. يا بني: وإن أئتمنك فلا تخنه وإن أنالك يسيرا فخذه وأقبله تـنل به كثيرا وأكرم خدمه والطف بأصحابه وغض طرفك عن محارمه وأقصر لسانك عند حديثه واكتم سره فى المجالس واتبع باللطف ما يهواه وانصح فى خدمته واجمع عقلك فى مخاطبته ولاتأمن الدهر من غضبه فإنه ليس بينك وبينه نسب وفى كل وقت يسرع إليه الغضب ووثبته كوثبة الأسد إذا وثب.
56. يا بني: كتمان السر صيانة للعرض.
57. يا بني: إن أردت أن تقف على الحكمة فلا تملك نفسك للنساء فإن المرأة حرب ليس فيه سلم وهي إن أحبتك أكلتك وإن أبغضتك أهلكتك.
58. وفى كتاب الشعب للإمام البيهقى ((كما نقله الدميرى فى حياة الحيوان عن الحسن)) أن لقمان قال لابنه يابني حملت الجندل والحديد وكل حمل ثقيل فلم أجد شيئا أثقل من الجار السوء وذقت المر كله فلم أذق شيئا أمر من الفقر.
59. يا بني: لاتأكل على شبع فإنك إن تلقه إلى الكلاب خير من أن تأكله.
60. يا بني: إياك والكذب فإنه شهي كلحم العصفور وعما قليل يهلك صاحبه.
61. وفيه عن الحسن أن لقمان قال لابنه يابني اعلم أنه لايطأ بساطك إلاراغب فيك أو راهب منك فأما الراهب الخائف فأمن مجلسه وتهلل فى وجهه وإياك الغمز من ورائه. وأما الراغب فيك فأظهر له البشاشة مع صفاء الباطن له وابدأه بالنوال قبل السؤال فإنك متى تلجئه إلى السؤال تأخذ من حر وجهه ضعف ما تعطيه.
62. يا بني: استعن بالكسب الحلال على الفقر فما أحد افتقر إلا أصابته ثلاث خصال رقة الدين, وضعف اليقين, وذهاب المروءة وأعظم من هذا كله استخفاف الناس به.
63. وروى أن لقمان جالس داود حولا وهو يعمل الدروع ولايعلم لقمان ما يصنع ولايسأله عن ذلك فلما تم الحول لبس داود الدرع وقال درع حصينة ليوم الحرب وفى راوية بعضهم أن داود لما أتمها لبسها ثم قال نعم أنت ألة حرب فقال لقمان الصمت حكمة وقليل فاعله (اهـ من كتاب سراج الملوك للشيخ أبى بكر بن محمد بن الوليد الفهرى).
64. وفيه قال عروة بن الزبير مكتوب فى حكمة لقمان يابني لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك طلقا تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء ومن يصحب صاحب سوء لايسلم ومن يصحب صاحبا صالحا يغنم.
65. وفيه قال لقمان لابنه ثلاثة أصحبهم الحليم عند الغضب والشجاع عند الحرب والأخ عند الحاجة إليه.
66. وفيه قال لقمان لأبيه ما الداء العضال قال رعونة مولودة قال فما الداء قال امرأة السوء قال فما الحمل الثقيل قال الغضب.
67. ثم قال صاحب كتاب سراج الملوك لما قرأ هذه الحكمة أبو عباد الكاتب وكان ظريفا في أخباره قال لكن والله الغضب أخف على من ريشة وكان أسرع الناس غضبا فقيل له إنما عنى لقمان أن احتمال الغضب ثقيل فقال والله لايقوى على احتمال الغضب إلا الجبل.
68. يابني إن الدنيا بحر عميق غرق فيه خلق كثير فلتكن سفينتك فيه الإيمان واليكن حشوها التقوى وليكن شراعها التوكل فعسى أن تنجو وما أظنك بناج.
69. قال داود عليه السلام للقمان يوما كيف أصبحت قال أصبحت فى يد غيرى.
70. يا بني: لاتؤحر التوبة فإن الموت يأتى بغته.
71. يا بني: احتمل الصغير لصغره والكبير لقدره والجاهل لنقصه والعلم لفضله.
72. يا بني: خذ من الدنيا بلاغك وانفق فضول كسبك لأخرتك ولاترفض الدنيا كل الرفض فتكون عيالا وعلى ظهور الرجال كلا وصم صوما يكسر الشهوة ولاتصم صوما يضر بصلاتك فإن الصلاة أفضل من الصوم,ولاتجالس السفهاء, ولاتخالط ذا الوجهين.
73. يا بني: لاتضحك من غير عجب ولاتمش من غير أرب ولا تسأل عما لايعنيك ولاتضيع مالك وتصلح  مال غيرك فإن مالك ما قدمت ومال غيرك ما تركت.
74. يا بني: من لايرحم لايرحم. ومن يصمت يسلم ومن يقل الخيريغنم ومن يقل الشر يندم ومن لايملك لسانه يعثر.
75. يا بني: لاتحتقرن أحدا إذا رأيته خلق الثياب فإن ربك وربه واحد ولاتعظم أحدا لحسن ثيابه فإنها ليست من ذاته وصفاته فى شيء.
76. وقال لابنه اخترت من كلام الأنبياء ثمان كلمات إذا كنت فى الصلاة فاحفظ قلبك وإذا كنت فى بيت الغير فاحفظ عينك وإذا كنت بين الناس فاحفظ لسانك وإذا كنت على المائدة فاحفظ حلقك واذكر اثنين وأنس اثنين وأما اللذان تنساهما فاحسانك فى حق الغير وإساءة الغير فى حقك.
77. يا بني: لاترغب فى رد الجاهل فيرى أنك ترضى عمله.
78. يا بني: اتق الله ولاترى الناس أنك تخشى ليكرموك بذلك وقلبك فاجر.
79. يا بني: ما ندمت على الصمت قط فإن الكلام إذا كان من فضه كان السكوت من ذهب.
80. يا بني: اعتزل الشر كيما يعتزلك فأن الشر للشر خلق.
81. يا بني: يأتى على الناس زمان لاتقر فيه عين حليم.
82. يا بني: اختر المجالس على عينك فإذا رأيت الجلساء يذكرون فيه الله عز وجل فاجلس معهم فإنك إن تك عالما ينفعك علمك وإن تك غبيا يعلموك وإن يطلع الله عليهم برحمة تصبك معهم.
83. يا بني: لاتجلس فى المجلس الذى لايذكر فيه الله عز وجل فإنك إن تكن عالما لاينفعك علمك وإن تكن غبيا يزيدوك غباوة وإن يطلع الله عليهم بعد ذلك بسخط يصبك معهم.
84. يا بني: كن كمن لايبتغى محمدة الناس ولايكسب مذمتهم فنفسه عنهم فى غنى والناس منه فى راحة.
85. يا بني: إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك.
86. يا بني: لاتتعلم مالا تعلم حتى تعمل بما تعلم.
87. يا بني: إنك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الأخرة فدار أنت إليها تسير أقرب من دار أنت عنها ترتحل.
88. عود لسانك أن يقول ((اللهم اغفرلى)) فإن لله ساعات لايرد فيها الدعاء.
89. يا بني: إياك والدين فإنه ذل بالنهار وهم بالليل.
90. يا بني: ارج الله رجاء لا يجرئك على معصية وخف الله خوفا لايؤيسك من رحمته.
91. من كان له من نفسه واعظ كان له من الله عز وجل حافظ ومن أنصف الناس من نفسه زاده الله تعالى بذلك عزا والذل فى طاعة الله تعالى أحق من التعزز بالمعصية.
92. من كذب ذهب ماء وجهه, ومن ساء خلقه كثر غمه ونقل الصحوز من مواضعها أيسر من إفهام من لايفهم.
93. يا بني: لاتكن حلوا فتبلع ولامرا فتلفظ.
94. يا بني: أنزل نفسك من صاحبك منزلة من لاحاجة له بك ولابد لك منه.
95. يا بني: امتنع بما يخرج من فيك فإنك ما سكت سالم وإنما ينبغى لك من القول ما ينفعك.
96. لايأكل طعامك إلا الأتقياء وشاور في أمرك العلماء.
وهناك حكم كثيرة تروى عنه فى مختلف الكتب لاتكاد تحصى. وفيما ذكرنا منها كفاية وغناء لمن وعى وتدبر والله تعالى.
___
وحبذا لو تعهد الأباء أبناءهم بهذه الحكم الغالية والنصائح الثمينة والمواعظ الحكيمة وشرحوها لهم شرحا وافيا وحثوهم على اتباعها والعمل بها كما فعل لقمان مع ابنه رضى الله عنه وأرضاه ــ تفقيها فى الدين وتهذيبا للأخلاق وتعليما وإرشادا لما فيه سعادة الأخرة والأولى.
___

خاتمة
فى ذكر قصص تنسب إلى لقمان الحكيم
للعظة والإعتبار[4]
1-             نقل الإمام اليافعى في كتابه ((روض الرياحين)) عن بعض السلف أن لقمان كان عبدا حبشيا لرجل فجاء به إلى السوق ليبيعه فكان لقمان كلما جاء إنسان ليشتريه قال له: ما تصنع بى فإذا قال: أصنع بك كذا وكذا قال: حاجتى إليك أن لا تشترينى حتى جاءه رجل فقال لقمان ما تصنع بى قال أصيرك بوابا على بابى فقال اشترنى فاشتراه وجاء به إلى داره وكان لمولاه ثلاث بنات يبغين فى القرية وأراد أن يخرج إلى ضيعة له فقال للقمان إنى قد أدخلت إليهن طعامهن وما يحتجن إليه فإذا خرجت فأغلق الباب وأقعد وراءه ولاتفتحه حتى أجىء فلما خرج فعل ما أمره به مولاه فقلن له أفتح الباب فأبى عليهن فشججنه فغسل الدم وجلس فلما قدم سيده لم يخبره بشيء.
ثم أراد سيده الخروج ثانيا فقال إنى قد أدخلت إليهن ما يحتجن إليه فلا تفتح الباب لهن فلما خرج خرجن له فقلن له أفتح الباب فأبى فشججنه ورجعن فجلس فلما جاء مولاه لم يخبره بشيء فقالت الكبيرة ما بال هذا العبد الحبشى أولى بطاعة الله عز وجل منى والله لأتوبن فقالت الصغيرة ما بال هذا العبد الحبشى وهذه أختى الكبرى أولى بطاعة الله منى فتابت فقالت الوسطى ما بال هذا العبد الحبشى وهاتين أولى بطاعة الله منى فتابت فقال غواة القرية ما بال هذا العبد الحبشى وبنات فلان أولى بطاعة الله منا والله لنتوبن فتاب الجميع فصاروا عباد القرية.
2-             وفى كتاب حديقة الأذهان فى أحاديث الأخلاق الحسان للإمام جمال الدين محمد بن موسى بن محمد اليمنى عن أبيه أنه قال لما أعتق لقمان أعطاه مولاه مالا فبارك الله للقمان فيه فكثر ونما وجعل لايأتيه أحد مستقرضا منه قرضا إلا أقرضه ولا يأخذ حميلا ولارهنا فإذا أراد أن يدفع إليه المال قال تأخذه بأمانة الله تعالى لترده إلى عاما قابلا فإذا قال نعم دفعه إليه فجعل الناس يأخذون ويردون. فذكر فعل لقمان لرجل يسكن ساحل البحر وتجارته فى البحر لص فاجر فقال والله ما رأيت مالا أضيع من هذا ما يأخذ منى رهنا ولا حميلا والله لأتين هذا الرجل فلأقطعن من ماله مالا عظيما فأقبل إليه وقال يالقمان ذكر لى معروفك وأنا رجل أسكن كذا وكذا من ساحل البحر وتجارتى فيه فإن رأيت تقرضنى قرضا أصيب منه ثم أرده إليك فعلت قال نعم وكم تريد قال فسمى له وأكثر قال نعم أنا لست أسألك حميلا ولا أخذ منك رهنا تأخذه بأمانة الله أن تؤديه إلى عاما قابلا فى مثل هذا اليوم قال نعم فدفع إليه ما شاء وكتب إسمه وإسم أبيه ومنزله الذى سماه فذهب بالمال ووضع يده فيه وخلطه بماله وأجمع  على أن لايؤديه إليه وأراد ابن لقمان السفر فقال ياأبت إنى أريد أرض كذا وكذا فإن رأيت أن تأذن لى فعلت قال نعم يابنى إذهب فاحمل على دوابك وشد عليك ثياتك ثم ائتنى أوصيك بوصية ففعل ذلك ابنه ثم أتاه فقال قد فعلت يا أبت وقد حملت على دوابى وشددت علي ثيابى فأوصنى فقال نعم  يابني إن فى طريقك مفازة فأبكر فيها الدلجة وأنها ستعرض لك شجرة واسعة الظل تحتها عين ماء قريبة من الشجرة فلاتنزلن تحتها, يابني إنى أرجو أن يخرجك الله منها سالما فتأتى حي بنى فلان وبهم لنا صديق وقد أعلم أنهم سيكرمونك يابني وفيهم امرأة شابة كريمة الحسب كثيرة المال وقد أعلم أنهم سيعرضونها عليك يابني أرجو الله أن يسلمك منها, وإن رجلا يسكن ساحل كذا وكذا وقد أتانى منذ حين واقتطع من مالى كذا وكذا وذكر اسمه واسم أبيه فأتاه فاقتض ما عليه ولاتبت عنده ليلة.
يابني أنظر إلى الذى أوصيتك به فافعل فقال الفتى نعم.
قال يابني إن من أفضل ما أوصيك به إن صحبك فى طريقك هذا رجل أكبر منك فلا تعصه حتى ترجع إلي قال أفعل.
فسار ابن لقمان حتى انتهى إلى المفازة فأبكر الدلجة فيها فإذا هو بعد ذلك قد قام قائم الظهيرة واشتد الحر وهو فى وسط منها فبينما هو يسير إذ عرضت له الشجرة فلما نظر إليها عرفها بنعت أبيه فإذا تحتها شيخ جالس فعدل عنها فقال له الشيخ قد قام قائم الظهيرة واشتد الحر فأنزل واستظل فى ظل هذه الشجرة وضع عن دوابك واشرب من الماء فإذا أبردت فارتحل قال الفتى فى نفسه هذه الشجرة التى نهانى عنها أبى ما أريد أن أفعل قال له الشيخ أقسمت عليك أن تنزل قال ووافق منه هوى وفكر أن أباه قد قال له إن صحبك رجل هو أكبر منك فلا تعصه فنزل الفتى ووضع عن دوابه واستظل وأكل وشرب ورقد وأبى الشيخ أن ينام فلما نام ابن لقمان انحطت حية من رأس الشجرة فنظرها الشيخ ورماها فقتلها ثم قطع رأسها فجعله فى جرابه وغيب لحمها حتى إذا أدبر النهار أيقظ ابن لقمان فقام فلم يشك من نفسه شيئا فحمل على دوابه فقال له الشيخ أين تريد فقال أرض كذا وكذا قال وأنا أريدها فهل لك فى صحبتى قال ابن لقمان أحب صاحب فلما أتوا الحي الذى سماه له لقمان قالوا ابن لقمان فأنزلوه وأكرموه فبينما هم يأكلون ويشربون عندهم إذ قال له رجل منهم يا ابن لقمان هل لك فى امرأة شابة كريمة الحسب كثيرة المال تنكحها فقال ابن لقمان فى نفسه هذه المرأة التى نعتها لى أبى مالى حاجة بالنكاح قال الشيخ ما تعرضون عليه قال نعرض عليه شابة حسناء جميلة كريمة الحسب كثيرة المال قال الشخ شباب وجمال ومال ما يترك, هذه انكحها يابني فقال ابن لقمان ما أريد النكاح يا عم وإنى لعلى رحلى قال أقسمت عليك لتفعلن فوافق ذلك منه الهوى وذكر الذى عوفي منه فى الشجرة وأن أباه قال أن صحبت رجلا هو أكبر منك فلا تعصه فنكحها فلما ملك عصمتها أتاه صديق لأبيه فقال بئس ما صنعت هذه امرأة قد نكحت من قبلك تسعة ليس منهم رجل إلا يصبح ميتا على فراشها وأنت العاشر فدخل الشيخ على ابن لقمان وهو مهموم حزين فقال ما يحزنك فقال المرأة التى أمرتنى أن أنكحها نكحت قبلى تسعة ليس منهم رجل إلا يصبح ميتا على فراشها وأنا أكره الموت قال انتظر الذى أمرك به فافعله فإذا أدخلت عليك فلا تقربها حتى تأتينى فأقبلوا بها حتى أدخلوها على الزوج ومن عادتهم إذا أدخلوهاعلى الزوج حلقوا بالبيت فإذا صاح ((كانت علامة موته)) فدخلوا واحتملوا صاحبتهم وما معها وتركوه فخفوا بالبيت كما كانوا يصنعون فقال ابن لقمان للمرأة إن لى حاجة فخرج إلى الشيخ وقال له المرأة فىالبيت وأنا عندك فقال له ائتنى بمجمرة فيها جمر فأتاه بها ابن لقمان فعمد إلى رأس الحية التى قتلها عند الشجرة فجعلها علىالمجمرة ثم قال انطلق بها فاجعلها تحت المرأة فإذا برد فأتنى به ففعل بها ابن لقمان فقال لها اجعلى هذه تحتك ففعلت فلما انطفأ الجمر ذهب بالمجمرة إلى الشيخ فإذا شبه الدودة محترقة فى المجمرة فقال اذهب إلى أهلك فلا بأس عليك فإن هذه التى كانت تقتل الرجال فانطلق إلى أهله فأصبح قرير العين وأصبحت المرأة فرحة وتفرق الذين كانوا حافين بالبيت فلما أراد ابن لقمان أن يرتحل قال له الشيخ أين تريد قال غريما لنا فى ساحل كذا وكذا أريد أن أتيه فاقتضى حقنا قال له هل لك فى صحبتى قال أحب صاحب فانطلق معه حتى قدما الساحل فسألا عن غريمهما فقال أهل البلد ذاك لص فاجر وكان قد عمد إلى قصر بناه على ساحل البحر فحين يمد لايترك حول القصر شيئا إلا احتمله ولايخلص إلى القصر ولا إلى ما فيه فأتاه ابن لقمان فقال له إنى ابن لقمان وحقنا عليك فقال بيتا الليلة ثم اغدوا على مالكما قال ابن لقمان هذا الذى منعنى منه أبى ما أريد أن أبيت الليلة قال الشيخ ماذا تعرض عليه قال أعرض عليكما أن تبيتا الليلة ثم تغدوا على مالكما قال الشيخ إفعل يابنى قال ما أريد ذلك قال الشيخ أقسمت عليك لتفعلن قد أنشأته أكثر من ليلة أفلا تنسئه ليلة فوافق ابن لقمان وذكر الذى عوفي منه فى الشجرة والمرأة فلما فرغا من عشائهما عمد إلى وطاء تحت القصر ففرش لهما فيه على سريرين وقد علم أن الماء إذا جاء احتملهما وعمد إلى ابن له فأضجعه على سرير فوقهما فى مكان قد علم أن الماء لايبلغ إليه فرقد ابن لقمان وأبى الشيخ أن ينام  فلما كان فى جوف الليل أقبل البحر فلما رأه الشيخ أيقظ ابن لقمان وحملا سريرهما فجعلاهما مكان سرير الغلام وحملا سرير الغلام وهو نائم فوضعاه موضع سريرهما أولا فأقبل البحر واحتمل الغلام بسريره فذهب به ولم يخلص إلبهما فلما كان الصبح طلع صاحب القصر ينظر ما فعل غريماه فإذا هما نائمان وإذ ابنه قد ذهب فناداهما وقال إنى قد مكرت بكما وحاق بى المكر فاغدوا على مالكما فغدوا على مالهما فانتقداه ثم انصرفا إلى المرأة فأمرها ابن لقمان بالرحيل فارتحلت بمال عظيم من أصناف الأموال وأقبل معه الشيخ حتى حتى شارفا منزل لقمان قال الشيخ لابن لقمان أي صاحب وجدتنى فى سفرك؟ قال خير صاحب كفى الله بك ورزق قال فما لى فيما أصبت نصيبا؟ قال بلى نصفه طيبة به نفسى قال الشيخ فإما تقسم وتخيرنى وإما أقسم وأخيرك فعرف الشيخ هوى ابن لقمان فىالمرأة فعمد إليها وإلى شيء من مالها فعزله وعمد إلى عظيم المال فتركه وقال لابن لقمان اختر فقال ابن لقمان أما أنك عدلت وأنصفت حين خيرتنى وإن كنت فعلت أختار المرأة وما معها فارتحل ابن لقمان بالمرأة وما معها وقام الشيخ فى عظيم المال فلما سار ابن لقمان وكاد أن يغيب عن الشيخ أدركه فقال أعطيتنى مالك فيم ذلك لعلك تخوفت منى شيئا قال له ابن لقمان وما عسيت أن أتخوف منك ولكن لايذكر من صاحب أفضل مما أذكر منك فقال له تعطينى ذلك طابت به نفسك قال نعم: فقال الشيخ اذهب فلك أهلك ومالك يبارك الله لك فيهما لست أنا من البشر إنما أنا أمانة أبيك التى كان يأتمن بها الناس بعثنى الله لأصحبك فى طريقك ثم أدرك أباك صالحا فاطمئن فى مالك المبارك فيه. اهـ من حديقة الأذهان.                
___
يقول علي بن حسن عبد الله بن حسين بن عمر بن عبد الرحمن ابن عقيل العطاس عفا الله عنه قد جمعنا فى هذه الرسالة جملة من الحكم والنصائح والعظات المروية عن الحكيم لقمان لينتفع بها من يصغى إليها بفهم وروية وإمعان ويعمل بها بجد وعزم واتقان وكلها حقائق ناصعة وعظات بالغة وحكم وصواب فعض عليها بالنواجذ والأنياب وارجع إليها فى كل حادث وملم وإياك والإهمال فإن ذلك من الخبال وسوءالحال والله تعالى يوفقك ويعصمك من الزلل ويباعد بينك وبين الخطل فى القول والعمل, وقد تم جمعها فى سنة 1158 ثمان وخمسين ومائة بعد الألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام والتحية والحمد لله رب العالمين حمدا يوافى نعمه ويكافىء مزيده.
وقد نقل هذه النسخة بقلمه ابن المؤلف الفقير إلى الله عبد الرحمن ابن علي بن حسن العطاس كان الله له فى دنياه وأخرته.


 [1] كسكيت الحياء العظيمة.

[2]  يقال تنخع الرجل رمى مخامته.
[3]  النملة الصغيرة
[4]  هتان القصتان ليستا إلا مجرد تصوير وتخيل.اهـ.            محقق

0 komentar:

Posting Komentar

Buku "Who Am I? How I Am"

Judul Buku      : Who Am I? How I Am Penulis            : Mochammad Fuad Nadjib ISBN                 : (masih dalam proses) Sinopsis        ...